حاول أن تنتظر ...
(1)
ما أطول الانتظار حين ننتظره ، وما أٌقصره حين ننشغل عنه
..
(2)
للحياة طريقتها في أن تعودنا على الانتظار ، فكم وضعت
ترتيبنا الأبجدي دائماً متأخر في (قائمة الفرص) ... بينما مع آخرين عودتهم أن
يكونوا أول من يرحب بهم القدر في ( حفلة السعادة ) ...
(3)
من منا يصافح حارس الأمن بحرارة وهو يتعمد تعطيل دخوله للحفل
بحجة التأكد من أوراق هويته !! ...
من منا يحب سماع الرسالة الالكترونية "من فضلك أترك
رسالتك بعد سماع الصفارة " ...
(4)
إننا لا نحترم الطابور، ونشعر بالظلم دائماً ممن فوقنا ،
وممن أمامنا ، وممن معه (تأشيرة الدخول) ... وممن يعطيها.
(5)
نشعر بالتهديد من الساعة التي نمسك بها في أيدينا ، مع
أننا نغازلها ونطليها من الخارج بالذهب ، ونستعجلها فبعد أن كانت عقاربها تلدغنا ببطء،
حولناها لأرقام تطير بنا نحو أهدافنا ...
نهايته نحن نكره الانتظار، مع أننا لو عرفنا قيمته
لفضلناه ألف مرة على السرعة ..
(6)
إننا نستعجل الزمن ليأتي يوم الامتحان ، ولكن ما أن ندخل
ونمسك بورقة الأسئلة حتى نندم أن الامتحان جاء –هكذا- بسرعة ..
إننا نستعجل الزمن لإجراء الجراحة الخطيرة ، لكن ما أن
نرى طاقم التمريض يدخل أمامنا غرفة العمليات ويتجهز ، حتى نشعر بالانقباض ...
نستعجل الاحتفال الذي تدربنا على فقراته شهوراً، لكن ما
أن يبدأ أول المشاركين في الوصول حتى نرتبك ...
أهو نوع من خداع الزمن، مثل خداع البصر ، وخداع السمع
الخ ، أم هي رغبة قلقة دائمة تدفعنا أن نصل ...
وهل معنى هذا أن الرحلة غير ممتعة ، أم لأن الاستقرار
مطلوب، وأن الحنين للوطن النهائي لا يساويه أمتع لحظات السفر ... ؟
(7)
ثم : لماذا لا نستمتع بأوقات الانتظار ؟!
لماذا لا نقضي أوقات القطار في الاستمتاع برؤية المشاهد
من النافذة ؟
لماذا لا نتعلم أن نملأ الجرار بالماء مع صديقاتنا ونحن
ننتظر العريس كصفورة ، بدلاً من أن نجلس في بيوتنا نندب حظنا ونعاتب الأيام ، من
أدرانا فقد يكون موسى وأليعازر الدمشقي ، والمسيح نفسه ، هناك ... عند البئر ...
لماذا لا نضحك على الزمن الآتي ، عندما نشحن يومنا ببذور
الأمانة فلا نجد في الغد أمساً نندم عليه ، أو نبكي على أفعالنا أو منها فيه ...
(8)
إن وقت الانتظار يختلف عن حالة الانتظار ...
فليس كل وقت للانتظار نكون فيه في حالة انتظار، وليس كل
مرة كنا فيها في حالة انتظار، كان هذا أنسب وقت للانتظار ... وهذا ما يصنع الفرق
ما بين الانتظار وخيبة الأمل .. فنحن لا نميز عادة بين هذين الأمرين :
هل هي حالة انتظار فات وقتها أو لم يصل بعد، أم هو وقت
انتظار ماتت حالته؟
(9)
أخيراً ، لاحظ أن أي وقت لانتظار أمر هو في ذاته وقت
لفعل أمر آخر دون انتظار ...
فالوقت الذي ننتظر فيه النجاح في ذاته هو وقت للعمل،
الوقت الذي ننتظر فيه البركة هو وقت للحياة بأمانة ... الوقت الذي ننتظر فيه شريك
الحياة هو وقت للصلاة والدراسة والنظر بدقة حولنا ... إن وقت انتظارنا لعودة
المسيح ثانية ،هو وقت للخدمة ... الخ . إن وقت الانتظار لوصول القطار يمكن أن يكون
وقتاً لقراءة الصحيفة ، أو مجالسة صديق ـ أو مهاتفة صديقة ...
إذا قضينا وقت الانتظار بطريقة صحيحة استخدمنا توتر
الانتظار وحولناه لقوة وانتصار أما إذا فقدنا وقت الانتظار طال وصول ما ننتظره،
وربما فقدناه تماماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق